التأسيس الثقافي للعمل الإصلاحي

يقلم : صبحي ودادي

بداية يجب إزالة الالتباس الذي قد يتركه العنوان باعتباره تعرضا لثقافة العمل الإصلاحي أو نقاشا للمحور الثقافي "العلمي" في العمل الإصلاحي، لأؤكد أنه لا شيء من ذلك سيتعرض له هذا المقال، وإنما سيكون موضوع هذا المقال هو الثقافة الاجتماعية في علاقتها بالإصلاح والتغيير والنهوض، فهو بذلك يتعرض للبنى الثقافية التي تشكل ذهنية المجتمع وروحه وتؤثر من ثم فيما يصدر عنه أو يتعاطى به مع ذاته ومحيطه، وأشواقه أو تبلده وتخبطه اتجاه أولئك.

ولسنا متحمسين، ولا مقتنعين بضرورة الخوض في المعاني المختلفة لمصطلح الثقافة، تركيزا على الهدف الأصلي من هذا التناول، ولكننا نشير إلى أن مقصودنا هنا يراوح بين إطلاقين للثقافة في بعض الأدبيات هما: فلسفة الإنسان أو فلسفة المجتمع. وتأتي الحاجة لتناول هذا الموضوع من حاجة العمل التغييري للتيقن من خطوِه والتعرف على مواطن نجاحه ومعالجة مكامن مشكلاته، على حد قول الشاعر: فاطلب لرجلك قبل الخطو موضعها .. فمن علا زلقا عن غرة زلجا فتأسيس العمل التغييري على رؤى مبصرة ومعالم هادية إحدى الضرورات التي يقول بها المنطق وتدعو إليها وقائع الحال والماضي القريب، وهذه المعالم هي ما نسميه بالفكر الإصلاحي، الذي هو مجموعة المفاهيم والرؤى والخطط العملية والمساهمات التأصيلية التي تعنى بالجوانب التي تعجل بحركة التاريخ -على حد تعبير الدكتور محمد المختار الشنقيطي- بما يثري الإطار النظري والذهنية التغيرية التخطيطية الساعية لتمكين الأمة من النهوض من الكبوة الحضارية واستئناف دورها الريادي واستعادة استقلالها وحكم نفسها وإيقاف قوى التدمير الذاتية والخارجية في جسمها المبارك الصامد ..

إن الأوطان في معركتها ضد الجهل والتخلف والحركات الإصلاحية -وفِي القلب منها الحركات الإسلامية- في قيادتها لمسيرة أمتها نحو الخلاص من الذل والاستبداد والفرقة في حاجة لإغناء المسيرة العملية والجهود الإصلاحية التي تمارسها، فإذا كان الإمام يوسف القرضاوي والشيخ محمد الغزالي قد أخذا على عاتقيهما مهمة ترشيد الصحوة الإسلامية في جوانب التأسيس الفكري السليم وتشكيل فقه دعوي وازن ومسترشد، فقد أصبحنا في حاجة لرواد وفعاليات داخل الصحوة تدفع بموجة ثانية مهمتها بناء وعي منهجي يستثمر الجهود الإصلاحية، ويحول بين الفعاليات "النفاقية" –إن صح التعبير- المتمثّلة في بعض النخب الحاكمة من ممارساتها الوظيفية -التي تُجهض كل عقد ميلاد بعث إسلامي مكتمل الشروط والأركان- ، وبالتالي تحول دون استئناف الأمة لنهوضها المرموق وانطلاقتها الحضارية المرتقبة. لقد امتلأت المكتبة الفكرية الإسلامية بمساهمات تأسيسية تجلي الجوانب العامة في طبيعة الفكر الإسلامي، قدمت أسس الفكرة الإسلامية والرؤية الإصلاحية العامة للناس وفلسفة الإسلام في قوالب خطاب حديث يجيب على سؤال ماذا؟ سؤال الهوية والمضمون الفكري العام لرسالة الإسلام .. وقد كسبت الأمة أو كادت تحدي هذا السؤال، فبات موضوع الهوية الفكرية محسوما لسواد المسلمين، وإن بقيت بعض النخب مصرة على إيديولوجيات مباينة.. أما المرحلة التي تمر بها الأمة اليوم فهي الإجابة على السؤال كيف؟ كيف نحقق التغيير؛ رغم المبطئات المختلفة، الذاتية والخارجية؟ الاجتماعية البنيوية والذاتية الفردية، والهيكلية السياسية؟ كيف إذن بهذا المعنى هي سؤال في "الاستراتيجيا"، والوسيلة والمنهجية لتحقيق التمكين.. وهي منهجية تُكتسب من خلال بناء ذهنية مؤهلة لتحقيق الإصلاح ومن خلال إتباع مسارات التغيير الأوْلى مكانة والأبلغ تأثيرا..

مسارات التغيير الاجتماعي: حين نقرأ قول الله سبحانه وتعالى: (إنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ) فنحن مدعوون للارتفاع بتأملنا في معاني الآية -وكل آية كريمة- إلى الآفاق الأرحب والدلالات الأوسع، وحتى لا يقع صراع في نفس المؤمن بسبب التفسير المتبادر لشرطية الصلاح الفردي القاعدي رغم ملاحظة التأثير القهري للأوضاع السياسية ولا مبالاتها بالصلاح القاعدي (خصوصا المنقوص) يجب أن نلاحظ المعنى المنداح والمتعدد لتغيير ما بالأنفس باعتباره تغييرا تربويا فرديا وتغييرا اجتماعيا؛ ثقافيا ونفسيا يطال كل البنى الفوقية للمجتمع من عادات وقيم ومعايير وعلاقات فيغربل كل ذلك، وحينها لا مكان لاستمرار ذات المنظومة الهيكلية السياسية، لأن المجتمع سيلغيها ويفرز حكومته التمثيلية، ليس إفرازا تلقائيا كما يقول بذلك دعاة الانكفاء، ولكن نخبته التمثيلية الجديدة ستقطف رأس الفساد، وبجهدٍ هو ذاته حصادُ تغيير ما بالأنفس ستكنس هذه النخبة الجديدة رعاة الوضع البائد، إنها صيرورة بمراحل، أساسها كنس التخلف الذهني والقيمي وذروة سنامها اقتحام عقبة الاستبداد والفساد السياسي. بهذا الفهم نضع المعنى الشامل للتغيير الاجتماعي في نصابه، مواجهة مع ثقافة متخلفة، وتأسيسا لفاعلية حضارية من خلال التركيز على قيم بعينها تشكل ذخيرة ثقافية لجهود الإصلاح، سنسمي الأولى معوقات ثقافية والثانية أولويات ثقافية.

حيث تتعلق المعوقات بمواجهة البنى الثقافية غير الصحية، كشفا وتشخيصا، واستيعابا ومحاورة وتفكيكا، حتى نقف على مواطن الداء ومكامن الوجع الحضاري المسؤول عن إفراز التخلف السياسي والاجتماعي، فخطورة تلك المعوقات إذن هو في كونها تشكل الحاضنة التي تفرز الأوضاع التي نجهد لمحاربتها باعتبارها تجسيدا لمشاكل التخلف ومعوقات النهوض. في حين تعني الأولويات الثقافية الأسبقيات الكبرى التي يتعين التركيز عليها بسبب كونها "ورشا اجتماعية" تؤسس وتمهد للانطلاق الصحيح، وتوجه الجهود العملية وجهة تكثيفية في الاتجاه الصحيح. وقد أورد الأستاذ مالك بن نبي في كتابه " شروط النهضة" هذا المنهج المركب حيث قال: "حين نتحدث عن النهضة يلزمنا تصورها من ناحيتين: تلك التي تتصل بالماضي، أي بخلاصة التدهور وتشعبه في الأنفس والأشياء. وتلك التي تتصل بخمائر الضمير، وجذور المستقبل".

وإذ تعرض بن نبي لهذا المعنى في كلياته المتعلقة بمنهج التفكير ومحتواه، إلا أن موضوع هذا المقال هو النظر لزاوية أخرى في معنى الثقافة، وهي مخزونات الوعي الجمعي السلبية التي يتعين مواجهتها والشفاء منها، والايجابية التي ينبغي السعي لترسيخها وترويجها. المعوقات الثقافية: كما يمرض الأفراد وتعتل الأجسام تتوعك الأوطان وتصاب المجموعات البشرية بالضعف المعنوي، وهو الطريق المضمون للتخلف المادي، وليست أوضاع التخلف المادي التي تعانيها مجتمعاتنا إلا نتيجة لاعتلال معنوي وتوعك أدبي، ولذلك علينا أن نبحث في المظاهر والمنابت عن أسرار توعكنا ومسببات تخلفنا، ولعل التشخيص يحيل للعلة، وما من شيء أخطر من إصابتنا في ثلاث مقاتل: الاجتماع الأخوي الوحدوي، والدافعية الحضارية، وخذلان الفكرة، فقد أصابت الولاءات الضيقة والنعراتُ البدائية الأولى، وأصاب غياب الإحساس بالأمانة الثانية، ونخر الاحتراف الريائي في الثالثة:

 الولاءات الضيقة: رغم الطبيعة الجماعية والتكافلية التي أخذها مجتمعنا من هويته الإسلامية ومن طبيعة المجتمعات التقليدية التي لم تتأثر بالليبرالية الفردانية، فإن هذه الطبيعة الجماعية عند التدقيق وعند النظر إلى بنائها لولاءات ضيقة مثل القبيلة والجهة والعنصر، هي نكوص عن التصور الإسلامي الصحيح للأمة الواحدة وللشعب المسلم المترابط بصلات الأخوة الإيمانية، وبرابط الولاء للدولة الإسلامية الجامعة، كما أنها عائق عن تحقيق التحديث الذي هو إعادة صياغة العلاقات التقليدية وبناء مواطنة موحِّدة ضامنة للعدل والمساواة في الحقوق والواجبات. وإذ شكلت ثقافة الولاء القبلي (لا الانتماء القبلي والتعارف القبلي) ضربة للنواة الإسلامية التي بنى نسقها الخلفاء الراشدون، فإنها لا زالت تضرب المجتمعات المسلمة التقليدية فتعيق ترسخ ثقافة الدولة وثقافة الصالح العام وثقافة الانتماء الحقيقي للوطن. إن العنصرية والقبلية المستعلية بعضها على بعض مؤذية مانعة من رسوخ الانتماء الواحد للجماعة الواحدة، للأمة أو الوطن الجامع، وهي من أمهات المشاكل في مسارات تطور أوطاننا، وبدلا من أن يعبِّر تتبع خط الزمن منذ تأسيس الدولة الوطنية عن ارتخائها، تُنْبؤ مقارنة أوله بآخره برِدات بخصوصها، ومواجهة "القبليات" غير الاعتراف بهويات الفسيفساء الاجتماعية -المكونة لأوطاننا- واحترامها، أو الرجوع للحق بإنصاف المظلوم منها، فتلك أسس العيش المشترك وتعبيرات احتواء التنوع واستثمار خيره، إنما نعني الولاءات لهذه التشكيلات والاعتزاز الإلغائي والانكماش الطائفي.

 الآثام الحضارية: إن الكسل والكبر، والمراءاة، والمراوغة والخداع وسوء الإنجاز، آثام حضارية، بما هي تضييع لأمانة كبرى هي سر وجود المسلم: عبادة الله عز وجل وعمارة الأرض وفق شرعه، هذه الأمانة التي عرضت على السموات والأرض والجبال، تضيعها الأجيال المسلمة اليوم تضييعا، ويضيعها بشكل أفظع المسلم في المنكب البرزخي، إذ تشيع بيننا أخلاق التكبر وهدر الوقت والمال العام وتضييع الأمانات العامة دون شعور بالذنب، وجَذرُ ذلك حصر التدين في بعض المجالات حتى بات التندر على تدين فئام من مجتمعنا مثار ألم للحادبين، ومدخل يأس للكثيرين. إن تلك الآثام هي قتل للنفسية الفاعلة واستنبات للسلبية وللضآلة وضمان لفشل كل المشروعات العامة والخاصة، وإشاعة لعدم الأمان الاجتماعي ولا يُنتظر من أصحابها تنمية ولا عمران.

 احتراف الفكرة، ونقلها من كونها رسالة لجعلها وسيلة للمكانة أو التعيش، ولعل التقسيم الوظيفي لمجتمعنا إلى زوايا أصحاب قلم ومدافعين أصحاب شوكة وطبقات أخرى أصحاب وظائف اجتماعية واقتصادية، سرى لا شعوريا في مراحل محاولاتنا تأسيس دولة وطنية، فباتت الوظيفة/الحرفة طاغية على الوظيفة/الرسالة، ومنه ستعاني الكلمة خصوصا في أوساط المثقفين والسياسيين من الاحتراف وتتحول إلى سلم للارتقاء الاجتماعي الوظيفي الأناني.

الأولويات الثقافية: تتحدد معايير هذه الأولويات انطلاقا من مركبين متكاملين؛ من نتاج تشخيص المعوقات أولا فمن ذلك تكتسب واقعيتها وتعلقها بالحالات الثقافية والاجتماعية لأوطاننا في مراحلها الحالية، ومن قوانين وسنن اجتماعية ونظر تاريخي ثانيا يُرشد مفاد استنطاقه إلى مقاربات وتوجهات، فيتشكل من ذلك اختيار تلك الأسبقيات، التي هي:

 بناء الإنسان، من خلال نظام تعليمي وتربوي يعالج كل الأدواء ويرنو لمحو كل اللوثات الثقافية والقيمية؛ سواء كانت قيما اجتماعية متخلفة أو آثاما حضارية مُقعدة؛ إن ما نسميه برأس المال البشري لا يتحقق بتكوين فني يخرج مهندسين وعلميين ورجال قانون وسياسة أكفاء، بل إن رأس المال البشري هو في تحقيق تعليم قاعدي شامل يصوغ القيم الثقافية للإنسان والمواطن صياغة تجعل منه خامة إنسان نافعة وفاعلة، ليتم تأهيلها بعد ذلك، فرأس المال البشري حقا هو في بناء الثقافة الحية المحيية الشاهدة على عصرها، لا الحشو المعلوماتي التقني لبشر معوقين ثقافيا. وإن من بين تلك القيم الكبرى تركيز الإحسان في النفوس وغرس الحب والإخاء والنظام، وتأسيس التدين الاجتماعي على فضائل الإنجاز والإحسان والإتقان ومواجهة التأنف التكبري لشعب عائل، ولا خير في عائل متكبر.
 تحقيق الأخوة والوحدة ومواجهة التشرذم الإثني والقبلي والجهوي الذي يشكل عقبة في وجه كل قيم المشاريع الكبيرة وفِي وجه الولاء الخالص للأوطان.. ووسائل ذلك كثيرة من الإعلام، للثقافة للتنمية للنضال المشترك.

 بناء مؤسسة أهلية ذات بعد حضاري وثقافي أصيل؛ التصور الانتظاري الذي يعقد الأمل على الإصلاح الفوقي، بغض النظر عن دخوله في حلقة مفرغة، تنتظر الفاسد كي يُقِيم الحياة، فإن دولة عادلة إصلاحية مأمولة لن تكون قادرة على إدامة مشروعها ما لم ترفدها جهود مؤسسات وسيطة بينها وبين الأفراد، أما في هذا التصور (التأسيس الثقافي للعمل الإصلاحي) فإن وجود مؤسسات أهلية حقيقية هو "الوسيلة" لتحقيق هذا التأهيل الفكري الثقافي، الذي هو تأهيل قيَّمي في الأساس وليس بالضرورة ترقية ثقافية بالمعنى العلمي.

إن المؤهل لهذا الدور هو مجتمع أهلي حقيقي، يتجاوز الإطار القبلي الضيق ولا يسقط في التجارب الشكلية لبعض تشكيلات المجتمع المدني الحالي الذي يعيش بعض أطرافه في تناغم شكلي مع خطاب وأولويات المجتمع المدني الغربي المانح، وتعجز بعض أطرافه الأخرى عن التواصل الحي مع المجتمع المحلي، وبغض النظر عن الأشكال التنظيمية التي يجب أن تكون حديثة فاعلة، فإن استلهام التجربة التاريخية لمؤسسات الأوقاف والمحاظر والمراكز العلمية كفيلة بفرز كتلة حية من التنظيمات المدنية المستلهمة لروح ثقافتها الذاتية، ولا شك أن مراكز الدراسات ودور الشباب ونوادي القراءة ومبادرات العمل الطوعي وشباب أحياء المدن جنبا إلى جنب مع النقابات العمالية والأحزاب السياسية مؤهلة لدور مزدوج، فهي من ناحية إطار للتوحد والتعايش والتلاقي بعيدا عن الولاءات الضيقة، وهو من جانب آخر تربية ميدانية على القيام بالحقوق والانخراط في الواجب العام، بعيدا عن تكفف السلطة أو الانكفاء على الخويصة. إن هناك دلائل قوية على أسبقية الإصلاح الثقافي وأهميته من خلال تجارب المجتمعات الحديثة في العلاقة بين التقدم والثقافة الاجتماعية، ورغم أن علماء الاجتماع الغربيين دأبوا على القول بأن سر النهوض التنموي في الغرب يعود لتقاليد وقيم البروتستانية خصوصا وحضها على العمل والإنتاج والإصلاح الدنيوي، فإن الجانب الصحيح من هذه النظرية هو نجاح الإصلاح الديني البروتستاني في تجاوز مضيق التحجر الكاثوليكي، وهذا يعني أن الاعتناء بالتجديد الفكري الثقافي في المجتمعات المسلمة يعد إحدى الضرورات التي ستفسح المجال أمام حيوية اجتماعية تفرز بدورها بيئة صالحة للتعاطي مع الإصلاح السياسي ..فهما وتقبلا، ومن ثم تقديرا لخطورة الفساد الفوقي الذي يستثمر كل يوم في الفراغ الثقافي لهذه المجتمعات الضحية. إن مجتمعاتنا تُعاني تخلفا مريعا على مستويات البنية الفوقية المتعلقة بالوعي بذاتها وبغاياتها وبعللها العميقة وخرائط النهوض والمسير الحضاري، وهي مشاغل للعمل الإصلاحي خليقة بالتنظير والتسديد والتفعيل قبل تصريف كل الطاقة في رفع جوانب بناء لا زالت قوائمه متهالكة وأسسه هشة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
• المعنى الشامل للتغيير الاجتماعي هو مواجهة مع ثقافة متخلفة، وتأسيسا لفاعلية حضارية من خلال التركيز على قيم بعينها تشكل ذخيرة ثقافية لجهود الإصلاح • كما يمرض الأفراد وتعتل الأجسام تتوعك الأوطان وتصاب المجموعات البشرية بالضعف المعنوي، وهو الطريق المضمون للتخلف المادي، وليست أوضاع التخلف المادي التي تعانيها مجتمعاتنا إلا نتيجة لاعتلال معنوي وتوعك أدبي..
• وما شيء أخطر من إصابتنا في ثلاث مقاتل: الاجتماع الأخوي الوحدوي، والدافعية الحضارية، وخذلان الفكرة، فقد أصابت الولاءاتُ الضيقة والنعراتُ البدائية الأولى، وأصاب غياب الإحساس بالأمانة الثانيةَ، ونخر الاحتراف الريائي في الثالثةِ.
• رأس المال البشري – حقا - هو في بناء الثقافة الحية المحيية الشاهدة على عصرها، لا الحشو المعلوماتي التقني لبشر معوقين ثقافيا.
• دور المجتمع الأهلي الحقيقي مزدوج فهو من ناحية إطار للتوحد والتعايش والتلاقي بعيدا عن الولاءات الضيقة، وهو من جانب آخر تربية ميدانية على القيام بالحقوق والانخراط في الواجب العام، بعيدا عن تكفف السلطة أو الانكفاء على الخويصة.